ايلون ماسك ونيورالينك .. هل هي خطوة نحو تطوير قدرات الانسان وصقلها؟! ام هي عبث ابداعي لعقول بشرية ضمن حدود ادراكها؟! بين ضرورات التقنية في العصر الحديث وسلبياتها نتحدث..

ايلون ماسك ونيورالينك .. هل هي خطوة نحو تطوير قدرات الانسان وصقلها؟! ام هي عبث ابداعي لعقول بشرية ضمن حدود ادراكها؟! بين ضرورات التقنية في العصر الحديث وسلبياتها نتحدث..

 

إيلون ماسك ونيورالينك .. هل هي خطوة نحو تطوير قدرات الإنسان وصقلها؟! أم هي عبث إبداعي لعقول بشرية ضمن حدود إدراكها؟! بين ضرورات التقنية في العصر الحديث وسلبياتها نتحدث..

بدأت القصة منذ زمن طويل .. دأب فيه الإنسان على محاولة سبر أغوار عضو لايتعدى وزنه 1.5 كيلوغرام بخلايا عصبية تتجاوز ال 100 مليار خلية, بمحاولة لتنشيطه تارة ومحاولة لمعالجة مشاكله تارة, وزعم تطوير مكوناته وقدراته تارة أخرى.. علما أنه مايزال عصيا على التحليل والفهم بنسبة كبيرة جدا حتى الآن رغم التطور العلمي والتقني والطبي الذي نعيشه.. إنه “الدماغ” ..

خطوة نحو تطوير قدرات الإنسان وصقلها؟! أم عبث إبداعي لعقول بشرية ضمن حدود إدراكها؟!

كنا قد عكفنا في مقالة سابقة على سرد العديد من الأمثلة عن تجارب ودراسات ومنتجات تم تطبيقها على الدماغ ولاقت في كثير من الأحيان نتائج إيجابية, لكن بالتأكيد رافق ذلك العديد من النتائج السلبية التي لايمكن إحصاؤها إلا على المدى الطويل, وكانت مدمرة أو كارثية على صحة الإنسان قد تصل به الى الموت في بعض الحالات. نذكر من تلك التقنيات المطبقة تقنية “التحفيز العميق للدماغ” وغيرها من التقنيات والتجارب التي تناولناها باستفاضة في مقالتنا السابقة..

ليفجر إيلون ماسك آخر نزوات جنونه التقني بشريحة صغيرة لاتتجاوز حجم العملة المعدنية أنتجتها شركته نيورالينك (Neuralink).. وحصلت على الموافقة من هيئة الغذاء والدواء الأمريكية FDA.

يتم زرع تلك الشريحة في الجمجمة وربطها من خلال 1024 قطب كهربائي لتتصل لاسلكيا بمنظومة حاسوبية تتيح إطلاق نبضات كهربائية مدروسة لأماكن محددة في الدماغ, ليحصل صاحب ذلك الدماغ على ميزات كبيرة سنأتي على ذكرها, هذا بالإضافة إلى تزويد تلك الشريحة بتقنيات الذكاء الصنعي التي تتيح لها فهم الية عمل الدماغ والكيفية التي يتعاطى بها مع الإشارات المرسلة إليه, وردات فعله, حتى تتمتع تلك الشريحة بمزيد من الديناميكية والفوائد .


لكن تبرز لدينا العديد من المعوقات قد يكون أهمها هو كيف ستم زرع تلك الشريحة بأقل خطورة ممكنة؟! وهنا عاد إيلون ماسك لحلوله التي تقوم بمعظمها على أرضية تقنية بأحدث الطرق والأساليب التي توصل لها العلم وليكون أحد الروبوتات المهرة التي يسعى إيلون ماسك لإظهارها إلى العلن هو الجراح القادر على زرع تلك الشريحة بأقل ضرر ممكن على حد زعمه.. ومايزال هذا الرجل الآلي قيد التطويرحتى الآن .

بأربعة خنازير سعداء خرج لنا إيلون ماسك بمؤتمر يبين لنا خلاله كيف تم زرع الشريحة في أدمغة تلك الخنازير وتفاعلها معها, مبشرة بنجاح التجارب على الحيوانات للإنتقال لمرحلة التجربة على الإنسان, والتي قال أنها ستكون خلال العام القادم حسب توقعاته.

منهية الشلل الرباعي ومعيدة لمرضى الزهايمر ذاكرتهم, لا بل مسرعة لآلية تفكيرنا كبشر ومقوية لحجم ذاكرتنا ودامجة للذكاء الصنعي بذكائنا البشري للحصول على قدرات تفوق القدرات الإنسانية الطبيعية, وبنتائج وميزات كثيرة متوقعة قد لايتسع المجال لذكرها أطلق إيلون ماسك العنان لأفق استخدام تلك الشريحة وفوائدها منوها بالوقت نفسه أنه يمكن زراعتها دون إحداث أي ندوب أو مضاعفات ناتجة عن عدم تقبل الجسم لها, إضافة إلى إمكانية إزالتها بشكل آمن عند الرغبة ..

إن تطوير واجهة الدماغ الحاسوب أو مايعرف بـ BCI وتقنيات التخاطب المباشر مع الدماغ سواء جراحيا بزرع جسم متصل بالدماغ أو من خلال حساسات محيطية ترتبط بالرأس يعد تطورا علميا مذهلا لا بد أن يتم تقييده بأخلاقيات علمية أولاً لتضع حدودا لتلك الخيالات المحلقة من جهة, واحتراما لإنسانية الإنسان الذي من الأجدر بنا تعريفه على أفضل السبل لاستغلال قدراته قبل ان نفكر في تطويرها من جهة أخرى.
 كما لا بد من تقييده بحذر وخطورة التعامل مع أعضاء ماتزال بمعظم وظائفها عصية على الفهم من عقول بني البشر, فمعظم النظريات لاتزال بحجم فرضيات قيد الإختبار والتطوير الدائم.
 فمن أكثر النظريات بروزا على الساحة العلمية والتي تعاني الكثير من الأخذ والرد هي نظرية نصفي الدماغ التي تقول بان الجزء الأيسر هو تحليلي,منطقي, موضوعي. اما الجزء الأيمن فهو عاطفي, حدسي, بصري..

إن نظرية Roger W.Sperry (نصفي الدماغ) تلك قد ظهر لها الكثير من النقض على يد عدد من العلماء على مدى عشرات السنين الماضية وتوصلوا إلى خلاصة أنه لايمكن التعويل على نتائج تلك النظرية, وذكرها لن يكون مفيدا إلا كمرحلة تاريخية من الدراسات التي أجريت على الدماغ.
 فكلا نصفي الكرة المخية يعملان معا في كثير من الاوقات بدون مقدرة واضحة على فصل وظائفهما عن بعضها.


بالتالي لابد لإبداعات العلم على يد البشر أن تصل إلى تطورات مذهلة بفضل عقول علماء ومفكرين ومبدعين لتساعد الكثير ممن حالت إعاقاتهم الجسدية والنفسية دون حياة صحية سليمة..

لكن أن نسعى إلى تطوير قدرات الانسان ليرى على سبيل المثال أمواجا لايمكن أن يراها بالأحوال الطبيعية كموجات الراديو أو الأشعة تحت الحمراء, أو لتتسع ذاكرته لأحجام هائلة من البيانات ويكون ذا تفكير أسرع بآلاف المرات متصل بقواعد بيانات على الإنترنت تسرع جلب المعلومة واستخدامها, فأعتقد أنه وبجدارة يصنف ضمن العبث الإبداعي لعقول بشرية لم تعد تدرك أن لإمكانياتها حدود, يجدر بها أن تقف متمسكة بثوب الإنسانية التي فطرنا عليها لعلنا نستحقها إذا ماحافظنا على ماتبقى من ملامحها وتطورنا ضمنها ..

Shadi Mouhriz

Leave a Reply